يُحكى أنه كان هناك مُعلم(يُدعى حليم)، يُدَرسْ في إحدى الثانويات في الشرق الجزائري،لا يكل ولا يمل، في النهار مع التلاميذ،و في الليل مع واجباته ، الدينية و الدُنيوية، يحب تلامذته حُبا جما،و كانوا يبادلونه نفس الشعور،استمر هكذا سنوات.... في يوم من الأيام،أخذ كراريس التلاميذ إلى بيته لمراقبتها،و الإطلاع عليها،و هي عادته لتقويمهم ، بدأ بالكراس الأول،فالثاني،فالثالث....و إذا به يجد داخل إحدى الكراريس صورة لإحدى تلميذاته،دون خمار،(تـُدعى لمياء، تلميذة نجيبة و مُهذبة)،صورة كاملة بالألوان،و هي تبتسم،مُرتدية أبهى حُلة،وفي أجمل هيئة،وجهها كأنه القمر...إستغفر الله،و أكمل مراقبة الكراريس،و حين أنهى أرجع الصورة إلى مكانها.
تمضي الأيام،و تقترب الإمتحانات،و يعاود المعلم أخذ الكراريس إلى البيت،لمراقبتها كالعادة،قبل إجراء الإمتحانات،و إذا به يجد صورة أخرى لتلميذته "لمياء"،في كراسها ،وهو يراقبه،صورة أحسن من الأولى،تصفيفة الشعرساحرة،ملابسها كأنها الأميرة،وجهها قطعة من قمر...تنهد المُعلم،و استغفر و قال في قرارة نفسه:"ماذا تريد هذه البنت؟..." أخذ الصورة و مزقها ثم رماها في سلة المهملات،لكن إحدى القـُصاصات علقت بالكراس دون أن ينتبه،و أكمل تصحيح بقية الكراريس.
أثناء الإمتحانات ،لاحظ الأساتذة غياب التلميذة "لمياء"،لم تحظر أي إمتحان،مما
أدخل الحيرة و القلق في نفوس زميلاتها و أساتذتها، خصوصا وأنها من أنجب التلميذات في المؤسسة،و يُضرب بها المثل في حُسن الخـُلق،و لم تغب في حياتها و لو مرة واحدة،فسأل المدير إحدى التلميذات تقطن بجوار مسكنها ،عنها،تـُدعى " ميساء" فقالت التلميذة:" إنها مريضة يا سيدي المدير"،ثم اتجهت "ميساء" إلى المُعلم " حليم"،و سلمته رسالة مكتوبة من طرف "لمياء"،فاحتار "حليم"،و قال لها:" ما هذه؟ ،وماذا تـُريد لمياء؟"،ردت التلميذة قائلة:" إقرأ الرسالة و ستعلم ماذا تـُريد"....رجع المعلم"حليم"،إلى بيته مُنهكا،و بعد أن صلى و تناول عشائه،استند إلى مكتبه يُصحح أوراق الإمتحان... الورقة الأولى،الثانية فالثالثة ..كانت العلامات ضعيفة ،تذكر ورقة "لمياء" لم يجدها،( كانت نقاطها لا تنزل تحت عتبة 16/20 )،تذكر رسالتها،أخرجها من جيبه،نزع الغلاف،وجدها مُبللة ،بدأ يقرأ:
" أستاذي العزيز،السلام عليكم،أنا تلميذتك لمياء،هل تتذكر صورتي التي مزقتها؟
لقد مزقت قلبي معها،و نزعت أحشائي،فلم أستطع مُقاومة نفسي ،فقررت ترك الدراسة إلى الأبد،أرتفعت درجة حرارتي،و لازمت الفراش ...لا تفهمني خطئا
يا أستاذ،فنيتي شريفة،و مقصدي صاف...لقد أحببتك يا أستاذ كـأب، لتعوضني الحنان و الحب الذي فقدته حين غادرنا أبي إلى الأبد،تـُوفي و أنا صغيرة يافعة،
كان يُحبني حبا لا يوصف،كان كلما دخل البيت ،سأل عني ،و حين يجدني،يرفعني فوق عـُنقه ،و يقدم لي الحلوى،أما حين يفتقدني،فإنه يغضب غضبا شديدا ،و لا يرتاح حتى أكون بجانبه...حين توفي ،ظللت أبكيه أياما،و فقدت الحنان و الحب،
لأن أمي تزوجت من رجل لم يستطع تعويض حنان أبي و عطفه و حُبه،فعشت فراغا رهيبا،اسودت الدنيا في وجهي،إلى أن رجعنا إلى الثانوية،بعد نهاية العُطلة،
و تعرفت عليك،يا أستاذ،وجدت فيك ملامح الأب الطيب الأمين،الحنون، العطوف
المُحب،فأردت لفت إنتباهك لي، حتى تهتم بي،و تعطيني قسطا من وقتك،لأدردش
معك،لعل الغـُصة و الفراغ تنزاح عني،ولكنك لم تأبه،أرسلت إليك صورتي،الأولى
فالثانية،و لكنك يا أستاذ مزقتها،و فهمت قصدي خطئا....أتدري من أين جاء البلـلُ على الرسالة؟ إنها دموع الحُزن ،و غياب الحنان الأبوي و الحب الصادق،أنا الآن كرهت الحياة، و كرهتك معها....
أتم حليم قراءة الرسالة و إذا بالدموع تنهمر من مُقلتيه كأنها السيل،لم يبك في حياته كما بكى هذه المرة،حاول إخفائها لم يستطع،كفكفها بمنديل ثم استغرق لحظة في التفكير وهو يقول في نفسه:
"ماذا فعلتُ مع هذه المسكينة،ليت يداي شـُلت قبل أن أجرح مشاعرها،يا للبنت البريئة،الطيبة الطاهرة،خسرتُ أنجب و أهذب فتاة عرفتها،لمُجرد
شك و ريبة"....أخذ قلما و قرر أن يرد على رسالتها
فكتب يقول : "آنسة لمياء،السلام عليكِ يا بُنيتي،كيف أنتِ يا أنبل تلميذة،و أرق فتاة...قرأتُ رسالتكِ،و أدركت مدى الجرح الذي سببتهُ لكِ،أنا في غاية الأسف،لم أكن أعرف أنكِ تملكين هذا القلب الوهاج
بالحب و الحنان و المشاعر العفيفة،المليئة بالوفاء
و الإخلاص،أنتِ ملاك طاهر
ــ آسف عن كل كلمة جرحتـُكِ بها دون قصد
ــ آسف عن كل دمعة سقطت من عينيك حُزنا
ــ آسف عن كل حَرَج كُنتُ سببا فيه
ــ آسف عن الصدمـة التي تعرضتِ لها بسببي
ــ آسف على سوء الفهم
ــ آسف على أبيك رحمه الله،الذي علمكِ الحُب و الشرف
يا زهرة مُتفتحة،بأريج الطلع،كُنتُ سببا في ذبولها،آسف..آسف..آسف..... لكن قبل أن تظلميني
أنا معذور،كُنتُ مشغولا بواجباتي،و عملي،و أعطيتُ للتلاميذ كل جُهدي،ضحيتُ بأغلى سنواتي
من أجلكم،30 تلميذا في القسم،لا أستطيع أن أفهم
كل مشاعركم و همومكم و أحاسيسكم،لكن كان علي
أن أكون ذكيا حتى أفهم ما يجول في عقولكم،و تـُحس به قلوبكم.....من اليوم سأكون أبا لكِ،أو أخا لكِ،سأعوضُك ما ضاع،من حنان و حُب عفيف،و إخلاص صادق،يا أعز و أنبل وأصدق فتاة عرفتها
في حياتي..........أستاذكِ:حليم.........أغلق حليم الرسالة ووضعها في الغلاف،شعربالتعب،أسند ظهره إلى مكتبه،و غرق في نوم عميق،تراءت له فتاة،تـُشبه لمياء(في الحُلـُم)،اقتربت منه،فإذا هي شاحبة الوجه،كزهرة ذابلة،عيناها سودوتين من شدة البكاء،فزع حليم من منظرها،أخذت لمياء الرسالة من يد حليم فتحتها،و بدأت تقرأ.....حين أتمت قراءتها،إذا بالمنظر البشع الذي كانت عليه بدأ يتغير،رجع وجهُها كما كان كأنه القمر،و عيناها
كأنهما لـُؤلـُؤتان،و شعرُها كأنه الحرير الناعم،و إبتسامتـُها كأنها إشراقة الشمس،في الربيع الدافئ...أستيقظ حليم من نومه،و علم أنه كان حُلما،رفع يديه إلى السماء و قال : "يا رب، حقق هذا الحُلم،يا رب ،إمسحِ الحُزن و الأسى عن لمياء،يا رب بَدل مأساتها إلى سعادة و فرح،آميـــن,آميــــــــــن، آميــــــــــــــــــــــن... إنتهت القصة
تمضي الأيام،و تقترب الإمتحانات،و يعاود المعلم أخذ الكراريس إلى البيت،لمراقبتها كالعادة،قبل إجراء الإمتحانات،و إذا به يجد صورة أخرى لتلميذته "لمياء"،في كراسها ،وهو يراقبه،صورة أحسن من الأولى،تصفيفة الشعرساحرة،ملابسها كأنها الأميرة،وجهها قطعة من قمر...تنهد المُعلم،و استغفر و قال في قرارة نفسه:"ماذا تريد هذه البنت؟..." أخذ الصورة و مزقها ثم رماها في سلة المهملات،لكن إحدى القـُصاصات علقت بالكراس دون أن ينتبه،و أكمل تصحيح بقية الكراريس.
أثناء الإمتحانات ،لاحظ الأساتذة غياب التلميذة "لمياء"،لم تحظر أي إمتحان،مما
أدخل الحيرة و القلق في نفوس زميلاتها و أساتذتها، خصوصا وأنها من أنجب التلميذات في المؤسسة،و يُضرب بها المثل في حُسن الخـُلق،و لم تغب في حياتها و لو مرة واحدة،فسأل المدير إحدى التلميذات تقطن بجوار مسكنها ،عنها،تـُدعى " ميساء" فقالت التلميذة:" إنها مريضة يا سيدي المدير"،ثم اتجهت "ميساء" إلى المُعلم " حليم"،و سلمته رسالة مكتوبة من طرف "لمياء"،فاحتار "حليم"،و قال لها:" ما هذه؟ ،وماذا تـُريد لمياء؟"،ردت التلميذة قائلة:" إقرأ الرسالة و ستعلم ماذا تـُريد"....رجع المعلم"حليم"،إلى بيته مُنهكا،و بعد أن صلى و تناول عشائه،استند إلى مكتبه يُصحح أوراق الإمتحان... الورقة الأولى،الثانية فالثالثة ..كانت العلامات ضعيفة ،تذكر ورقة "لمياء" لم يجدها،( كانت نقاطها لا تنزل تحت عتبة 16/20 )،تذكر رسالتها،أخرجها من جيبه،نزع الغلاف،وجدها مُبللة ،بدأ يقرأ:
" أستاذي العزيز،السلام عليكم،أنا تلميذتك لمياء،هل تتذكر صورتي التي مزقتها؟
لقد مزقت قلبي معها،و نزعت أحشائي،فلم أستطع مُقاومة نفسي ،فقررت ترك الدراسة إلى الأبد،أرتفعت درجة حرارتي،و لازمت الفراش ...لا تفهمني خطئا
يا أستاذ،فنيتي شريفة،و مقصدي صاف...لقد أحببتك يا أستاذ كـأب، لتعوضني الحنان و الحب الذي فقدته حين غادرنا أبي إلى الأبد،تـُوفي و أنا صغيرة يافعة،
كان يُحبني حبا لا يوصف،كان كلما دخل البيت ،سأل عني ،و حين يجدني،يرفعني فوق عـُنقه ،و يقدم لي الحلوى،أما حين يفتقدني،فإنه يغضب غضبا شديدا ،و لا يرتاح حتى أكون بجانبه...حين توفي ،ظللت أبكيه أياما،و فقدت الحنان و الحب،
لأن أمي تزوجت من رجل لم يستطع تعويض حنان أبي و عطفه و حُبه،فعشت فراغا رهيبا،اسودت الدنيا في وجهي،إلى أن رجعنا إلى الثانوية،بعد نهاية العُطلة،
و تعرفت عليك،يا أستاذ،وجدت فيك ملامح الأب الطيب الأمين،الحنون، العطوف
المُحب،فأردت لفت إنتباهك لي، حتى تهتم بي،و تعطيني قسطا من وقتك،لأدردش
معك،لعل الغـُصة و الفراغ تنزاح عني،ولكنك لم تأبه،أرسلت إليك صورتي،الأولى
فالثانية،و لكنك يا أستاذ مزقتها،و فهمت قصدي خطئا....أتدري من أين جاء البلـلُ على الرسالة؟ إنها دموع الحُزن ،و غياب الحنان الأبوي و الحب الصادق،أنا الآن كرهت الحياة، و كرهتك معها....
أتم حليم قراءة الرسالة و إذا بالدموع تنهمر من مُقلتيه كأنها السيل،لم يبك في حياته كما بكى هذه المرة،حاول إخفائها لم يستطع،كفكفها بمنديل ثم استغرق لحظة في التفكير وهو يقول في نفسه:
"ماذا فعلتُ مع هذه المسكينة،ليت يداي شـُلت قبل أن أجرح مشاعرها،يا للبنت البريئة،الطيبة الطاهرة،خسرتُ أنجب و أهذب فتاة عرفتها،لمُجرد
شك و ريبة"....أخذ قلما و قرر أن يرد على رسالتها
فكتب يقول : "آنسة لمياء،السلام عليكِ يا بُنيتي،كيف أنتِ يا أنبل تلميذة،و أرق فتاة...قرأتُ رسالتكِ،و أدركت مدى الجرح الذي سببتهُ لكِ،أنا في غاية الأسف،لم أكن أعرف أنكِ تملكين هذا القلب الوهاج
بالحب و الحنان و المشاعر العفيفة،المليئة بالوفاء
و الإخلاص،أنتِ ملاك طاهر
ــ آسف عن كل كلمة جرحتـُكِ بها دون قصد
ــ آسف عن كل دمعة سقطت من عينيك حُزنا
ــ آسف عن كل حَرَج كُنتُ سببا فيه
ــ آسف عن الصدمـة التي تعرضتِ لها بسببي
ــ آسف على سوء الفهم
ــ آسف على أبيك رحمه الله،الذي علمكِ الحُب و الشرف
يا زهرة مُتفتحة،بأريج الطلع،كُنتُ سببا في ذبولها،آسف..آسف..آسف..... لكن قبل أن تظلميني
أنا معذور،كُنتُ مشغولا بواجباتي،و عملي،و أعطيتُ للتلاميذ كل جُهدي،ضحيتُ بأغلى سنواتي
من أجلكم،30 تلميذا في القسم،لا أستطيع أن أفهم
كل مشاعركم و همومكم و أحاسيسكم،لكن كان علي
أن أكون ذكيا حتى أفهم ما يجول في عقولكم،و تـُحس به قلوبكم.....من اليوم سأكون أبا لكِ،أو أخا لكِ،سأعوضُك ما ضاع،من حنان و حُب عفيف،و إخلاص صادق،يا أعز و أنبل وأصدق فتاة عرفتها
في حياتي..........أستاذكِ:حليم.........أغلق حليم الرسالة ووضعها في الغلاف،شعربالتعب،أسند ظهره إلى مكتبه،و غرق في نوم عميق،تراءت له فتاة،تـُشبه لمياء(في الحُلـُم)،اقتربت منه،فإذا هي شاحبة الوجه،كزهرة ذابلة،عيناها سودوتين من شدة البكاء،فزع حليم من منظرها،أخذت لمياء الرسالة من يد حليم فتحتها،و بدأت تقرأ.....حين أتمت قراءتها،إذا بالمنظر البشع الذي كانت عليه بدأ يتغير،رجع وجهُها كما كان كأنه القمر،و عيناها
كأنهما لـُؤلـُؤتان،و شعرُها كأنه الحرير الناعم،و إبتسامتـُها كأنها إشراقة الشمس،في الربيع الدافئ...أستيقظ حليم من نومه،و علم أنه كان حُلما،رفع يديه إلى السماء و قال : "يا رب، حقق هذا الحُلم،يا رب ،إمسحِ الحُزن و الأسى عن لمياء،يا رب بَدل مأساتها إلى سعادة و فرح،آميـــن,آميــــــــــن، آميــــــــــــــــــــــن... إنتهت القصة